موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)
تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٣/٤
شماره جلسه : ۹۹
-
انفصال الطّبیعة المهمَلة عن عملیّة الإطلاق
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۲۸
-
الجلسة ۲۹
-
الجلسة ۳۰
-
الجلسة ۳۱
-
الجلسة ۳۲
-
الجلسة ۳۳
-
الجلسة ۳۴
-
الجلسة ۳۵
-
الجلسة ۳۶
-
الجلسة ۳۷
-
الجلسة ۳۸
-
الجلسة ۳۹
-
الجلسة ۴۰
-
الجلسة ۴۱
-
الجلسة ۴۲
-
الجلسة ۴۳
-
الجلسة ۴۴
-
الجلسة ۴۵
-
الجلسة ۴۶
-
الجلسة ۴۷
-
الجلسة ۴۸
-
الجلسة ۴۹
-
الجلسة ۵۰
-
الجلسة ۵۱
-
الجلسة ۵۲
-
الجلسة ۵۳
-
الجلسة ۵۴
-
الجلسة ۵۵
-
الجلسة ۵۶
-
الجلسة ۵۷
-
الجلسة ۵۸
-
الجلسة ۵۹
-
الجلسة ۶۰
-
الجلسة ۶۱
-
الجلسة ۶۲
-
الجلسة ۶۳
-
الجلسة ۶۴
-
الجلسة ۶۵
-
الجلسة ۶۶
-
الجلسة ۶۷
-
الجلسة ۶۸
-
الجلسة ۶۹
-
الجلسة ۷۰
-
الجلسة ۷۱
-
الجلسة ۷۲
-
الجلسة ۷۳
-
الجلسة ۷۴
-
الجلسة ۷۵
-
الجلسة ۷۶
-
الجلسة ۷۷
-
الجلسة ۷۸
-
الجلسة ۷۹
-
الجلسة ۸۰
-
الجلسة ۸۱
-
الجلسة ۸۲
-
الجلسة ۸۳
-
الجلسة ۸۴
-
الجلسة ۸۵
-
الجلسة ۸۶
-
الجلسة ۸۷
-
الجلسة ۸۸
-
الجلسة ۸۹
-
الجلسة ۹۰
-
الجلسة ۹۱
-
الجلسة ۹۲
-
الجلسة ۹۳
-
الجلسة ۹۴
-
الجلسة ۹۵
-
الجلسة ۹۶
-
الجلسة ۹۷
-
الجلسة ۹۸
-
الجلسة ۹۹
-
الجلسة ۱۰۰
-
الجلسة ۱۰۱
-
الجلسة ۱۰۲
-
الجلسة ۱۰۳
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
انفصال الطّبیعة المهمَلة عن عملیّة الإطلاق
لقد استَثنَی المحقّق النّائینيّ «صیغة الأمر» عن سائر الهَیئات و الموادّ، فاستَظهر خصوصیَّتَها الممیَّزة حیث تَتطلَّب صدور الفعل بالاختیار و الإرادة حتماً.
و دعماً أوسع سنُفیض استدلالیّة أخری بأنّ طبیعة المادّة و المبدأ تُعدّ طبیعة مهملة -کالضّرب- بلا تعرّض لها بالاختیار و المباشریّة و... فبالتّالي ستَنطبِق الطّبیعة علی أیّة نوعیّة من الضّرب حتّی غیر الاختیاريّ، بینما «صیغة الأمر الباعثة» تَتطلَّب الامتثالَ بالاختیار أکیداً.
ففي هذا الخطّ، قد امتازَت الطّبیعة المهملة عن عملیّة الإطلاق، فإنّ:
Ø الأولی تَنعکس دوماً علی حصصها بلا لحاظ لمقدِّمات الحکمة فلا تَفصَح عن المباشریّة و الاختیار -وفقاً للمحقّقین النّائینيّ و الخوئيّ-.
Ø بینما الثّاني یَتطلَّب دراسة مقدِّمات الحکمة، و قد زَعمه الشّهید الصّدر مصرِّحاً بأنّ الموادّ من نَمط الإطلاق ثمّ استَظهر الأصل اللّفظيّ الإطلاقيّ لولا التّقیید.
و الاتّجاه الأصبّ و الأنسب هو مصیر المحقّقَین المُتبحِّرَین، إذ قد بَرهن المحقّق النّائبنيّ علی لزوم اختیاریّة صیغة الأمر قائلاً:[1]
«نعم تمتاز هيئة «فعل الأمر» عن سائر الأفعال في اعتبار الاختياريّة و ذلك لأمرين:
Ø ... الثّاني: هو أنّ نفس الأمر (و المطالَبة) يقتضى اعتبار الإرادة و الاختيار (و القدرة) مع قطع النّظر عن الحكم العقليّ، و ذلك لأنّ الأمر الشّرعيّ إنّما هو توجيه إرادة العبد نحوَ المطلوب و تحريك عَضَلاته، فالأمر هو بنفسه يقتضى اعتبار الإرادة و الاختيار، و لا يمكن أن يتعلّق بالأعمّ لأنّه بعث للإرادة و تحريك لها، و حینئذ لو قام دليل على سقوط التّكليف عند فعل متعلّقه بلا إرادة و اختيار، كان ذلك من قبيل سقوط التّكليف بفعل الغير (کما لو دَخل المتنجِّس عفویّاً إلی الماء فتَطهَّر) و هو يرجع إلى تقييد الموضوع (و مؤونة زائدة علی المولی) و (لکن) إطلاقُ الخطاب عند الشّكّ يدفع التّقييد المذكور (بالإرادة) فالأصل اللّفظيّ (الإطلاقيّ) يقتضى عدم السّقوط عند عدم الإرادة و الاختيار (فیُنتِج التّعبّدیّة نظیر مَن نامَ أثناءَ السّعي في سیّارته أو عَرَبته) و كذا الحال في الأصل العمليّ على حذو ما تقدّم عند الشّكّ في سقوطه بفعل الغير (أي الاستصحاب).»
و لکن قد علَّق المحقّق الخوئيّ ضمن الأجود مُستَشکِلاً:
«(إشکالیّة مبنائیّة:) إنّ الدّعوى المزبورة إنّما تتِمّ على مذهب مَن يرى أنّ المُنشَأ بالصّيغة إنّما هو مفهوم الطّلب أو البعث أو النّسبة الإيقاعيّة أو ما يقاربها من المفاهيم (بحیث ستَتطلَّب الصّیغة الاختیار و الإرادة) و أمّا على ما حقّقناه من أنّه ليس إلّا إظهار اعتبار كون المادّة على ذمّة المكلّف فلا موجب لاشتراط التّكلّف بالقدرة أصلاً (فلم یُلحظ الاختیار أساساً نظیر منهاج الخطابات القانونیّة فنَستَنتج التّوصّلیّة):
- غاية الأمر أنّ العقل يعتبرها في موضوع حكمه في مرحلة الإلزام بالامتثال فتكون القدرة من شرائط التّنجيز لا محالة (لا من الشّروط العامّة للفعلیّة حسبَ المشهور).
- و لا ينافي سقوطَ التّكليف فيما إذا أتى بالفعل لا عن إرادة بعد أن كان مقتضى إطلاق المادّة قيامَ الملاك بمطلق وجود الفعل المأمور به فيما إذا كانت القدرة من الشّرائط العقليّة على ما اعترف به -قدّه- في مبحث الضّد»[2]
إذن فمجرّد تَهییج الإرادة بصیغة الأمر لا یُنتِج انحصار الملاک بالحصّة المقتَدِرة بل قد توفَّر الملاک تجاه الحصّة المستحیلة، إذ سیتحقَّق الامتثال حتّی لو رَسمنا جامعاً حاویاً لغیر المقدورة، ثمّ طوَّر المحقّق المحقّق الخوئيّ اعتراضه ضمن المحاضَرات قائلاً:
«فهو مورد للمؤاخذة من جهتَين:
- الأولى: أنّ اعتبار القدرة في متعلّق التّكليف إنّما هو بحكم العقل (لدی التّنجیز و الامتثال) لا بمقتضى الخطاب كما فصّلنا الحديث من هذه النّاحية في بحث الضّد فلا نعيد.
- الثّانية: أنّ اعتبار القدرة فيه سواء أكان بحكم العقل أو بمقتضى الخطاب ليس إلّا من ناحية أنّ التّكليف بغير المقدور لغو، و من الطّبيعيّ أنّ ذلك لا يقتضي إلّا استحالةَ تعلّق التّكليف بغير المقدور خاصّة و أمّا تعلّقه بخصوص الحصّة المقدورة فحسب فلا (لغویّة) ضرورة أنّ غاية ما يقتضي ذلك كون متعلّقه (التّکلیف) مقدوراً، و من المعلوم أنّ الجامع بين المقدور و غيره مقدور فلا مانع من تعلّقه به (فجوهر الجامع الملاکيّ یُعدّ معقولاً ثبوتیّاً) و لا فرق في ذلك بين أن يكون اعتبار القدرة بحكم العقل أو بمقتضى الخطاب .... و بكلمة أخرى أنّ المصلحة في الواقع لا تخلو من أن تقوم بخصوص الحصّة المقدورة، أو تقوم بالجامع بينها و بين غير المقدورة، فعلى الأوّل لا معنى لاعتبار الجامع، و على الثّاني لا مناص من اعتباره و لا يكون لغواً بعد إمكان تحقّق تلك الحصّة في الخارج، فالنّتيجة أنّ استحالة تعلّق الطّلب بالجامع و اعتباره إنّما تقوم على أساس أحد أمرين: الأوّل: أن لا يكون للجامع ملاك يدعو المولى إلى اعتباره، الثّاني: أن تكون الحصّة غير المقدورة مستحيلة الوقوع في الخارج.
- و أمّا في غير هذين الموردين فلا مانع من اعتباره على ذمّة المكلّف أصلاً، و لا يقاس هذه المسألة بالمسألة الأولى حيث قلنا في تلك المسألة بعدم إمكان تعلّق التّكليف بالجامع بين فعل المكلّف نفسه و بين فعل غيره و الوجه في ذلك هو أنّ اعتبار ذلك الجامع في ذمة المكلّف لا يرجع بالتّحليل العلميّ إلى معنى محصَّل بداهة أنّه لا معنى لاعتبار فعل غير المكلّف في ذمّته (المکلَّف نفسه) و هذا بخلاف مسألتنا هذه فإنّ اعتبار فعل المكلَّف على ذمّته الجامع بين المقدورة و غيرها بمكان من الإمكان بلا لزوم أيّ محذور كما عرفت هذا بحسب مقام الثّبوت و أمّا بحسب مقام الإثبات فإن كان هناك إطلاق كَشَف ذلك عن الإطلاق في مقام الثّبوت يعنى أنّ الواجب هو الجامع دون خصوص حصّة خاصّة (المقدورة فمتعلَّق التّکلیف هو الجامع) فعندئذ إن كان المولى في مقام البيان و لم يقم قرينة على التّقييد تعيَّن التّمسّك بالإطلاق لإثبات صحّة الفعل لو جيء به في ضمن حصّة غير مقدورة (أي التّوصّلیّة).»[3]
إذن قد غایَر المحقّق الخوئيّ:
- بین مبحث «المباشرة» حیث قد أجرَی الإطلاق لتَمدید فعلیّة التّکلیف بالمباشرة -أي التّعبّدیّة- إذ قد استحال لدیه تصویر الجامع الثّبوتيّ.
- و بین مبحث «الاختیار» حیث قد استَخدَم الإطلاق لتَسجیل التّوصّلیّة نظراً لإمکانیّة تصویر الجامع ثبوتیّاً لدیه.
- فبالتّالي حیث تَعقَّلنا تواجد جامع بین المقدور و غیره خارجاً فاستَنتَجنا التّوصّلیّة بمعنی الاختیار، أجل لو استحال الجامع خارجاً -کمبحث المباشرة- لتعیَّن التّکلیف بالمقدور فحسب فلا یَتکوَّن جامع أبداً لاستحالة غیر المقدور، فاستَنتَجنا التّعبّدیّة بمعنی المباشرة.
و أمّا الشّهید الصّدر فقد قرَّر معتقَد المحقّق النّائینيّ بطَور متغایر تماماً کي یُعاني من إشکالیّات المحقّق الخوئيّ، فوَجَّهه قائلاً:
«و ليس نظر المحقّق النّائينيّ -قدّه- إلى المدلول التّصوري للأوامر حتّى يُتوهَّم ابتناء هذا الوجه على مسلك دلالة الأمر وضعاً على النّسبة الإرساليّة (زعماً من المحقّق الخوئيّ) بل نظره إلى المدلول التّصديقيّ للأمر ابتداء الّذي هو الاعتبار أو الطّلب أو أيّ شيء آخر فإنّ هذا المدلول لا محالة يكون بداعي التّحريك و ليس مجرّد لقلقة اعتبار أو إنشاء، و داعي التّحريك لا يكون إلّا نحو الفعل المقدور.»[4]
فبهذه التّقریرة قد صانَ مقالة المحقّق النّائینيّ عن الإشکال السّالف للمحقّق الخوئيّ، بینما:
· تفسیره یُعدّ مضادّاً لظاهر الأجود إذ قد تحدَّث حول «حقیقة الأمر» فهي تَرتبط بساحة التّصوّر لا التّصدیق.
· و أساساً إنّ نقاش العلَمَین لم یَتعلَّق بالمدلول التّصدیقيّ أبداً و لم یَستحضِر الشّهید الصّدر وثیقةً من مقالته.
· بل حتّی لو افترضنا النّقاش تصدیقیّاً لَتیسَّر للمحقّق الخوئيّ أن یُجیبه بأنّا لا نقبل الانبعاث و التّحریک من نفس الأمر تصدیقاً إذ لا إطلاق للهیَئات و الموادّ.
--------------------------
[1] نایینی محمدحسین. فوائد الاُصول (النائیني). Vol. 1. ص143 قم - ایران: جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي.
[2] نایینی محمدحسین. n.d. أجود التقریرات. Vol. 1. ص101 قم - ایران: کتابفروشی مصطفوی.
[3] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. ص148-149 قم - ایران: انصاريان.
[4] صدر محمد باقر. بحوث في علم الأصول (الهاشمي الشاهرودي). Vol. 2. ص68 قم - ایران: مؤسسة دائرة معارف الفقه الاسلامي.
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
انفصال الطّبیعة المهمَلة عن عملیّة الإطلاق
لقد استَثنَی المحقّق النّائینيّ «صیغة الأمر» عن سائر الهَیئات و الموادّ، فاستَظهر خصوصیَّتَها الممیَّزة حیث تَتطلَّب صدور الفعل بالاختیار و الإرادة حتماً.
و دعماً أوسع سنُفیض استدلالیّة أخری بأنّ طبیعة المادّة و المبدأ تُعدّ طبیعة مهملة -کالضّرب- بلا تعرّض لها بالاختیار و المباشریّة و... فبالتّالي ستَنطبِق الطّبیعة علی أیّة نوعیّة من الضّرب حتّی غیر الاختیاريّ، بینما «صیغة الأمر الباعثة» تَتطلَّب الامتثالَ بالاختیار أکیداً.
ففي هذا الخطّ، قد امتازَت الطّبیعة المهملة عن عملیّة الإطلاق، فإنّ:
Ø الأولی تَنعکس دوماً علی حصصها بلا لحاظ لمقدِّمات الحکمة فلا تَفصَح عن المباشریّة و الاختیار -وفقاً للمحقّقین النّائینيّ و الخوئيّ-.
Ø بینما الثّاني یَتطلَّب دراسة مقدِّمات الحکمة، و قد زَعمه الشّهید الصّدر مصرِّحاً بأنّ الموادّ من نَمط الإطلاق ثمّ استَظهر الأصل اللّفظيّ الإطلاقيّ لولا التّقیید.
و الاتّجاه الأصبّ و الأنسب هو مصیر المحقّقَین المُتبحِّرَین، إذ قد بَرهن المحقّق النّائبنيّ علی لزوم اختیاریّة صیغة الأمر قائلاً:[1]
«نعم تمتاز هيئة «فعل الأمر» عن سائر الأفعال في اعتبار الاختياريّة و ذلك لأمرين:
Ø ... الثّاني: هو أنّ نفس الأمر (و المطالَبة) يقتضى اعتبار الإرادة و الاختيار (و القدرة) مع قطع النّظر عن الحكم العقليّ، و ذلك لأنّ الأمر الشّرعيّ إنّما هو توجيه إرادة العبد نحوَ المطلوب و تحريك عَضَلاته، فالأمر هو بنفسه يقتضى اعتبار الإرادة و الاختيار، و لا يمكن أن يتعلّق بالأعمّ لأنّه بعث للإرادة و تحريك لها، و حینئذ لو قام دليل على سقوط التّكليف عند فعل متعلّقه بلا إرادة و اختيار، كان ذلك من قبيل سقوط التّكليف بفعل الغير (کما لو دَخل المتنجِّس عفویّاً إلی الماء فتَطهَّر) و هو يرجع إلى تقييد الموضوع (و مؤونة زائدة علی المولی) و (لکن) إطلاقُ الخطاب عند الشّكّ يدفع التّقييد المذكور (بالإرادة) فالأصل اللّفظيّ (الإطلاقيّ) يقتضى عدم السّقوط عند عدم الإرادة و الاختيار (فیُنتِج التّعبّدیّة نظیر مَن نامَ أثناءَ السّعي في سیّارته أو عَرَبته) و كذا الحال في الأصل العمليّ على حذو ما تقدّم عند الشّكّ في سقوطه بفعل الغير (أي الاستصحاب).»
و لکن قد علَّق المحقّق الخوئيّ ضمن الأجود مُستَشکِلاً:
«(إشکالیّة مبنائیّة:) إنّ الدّعوى المزبورة إنّما تتِمّ على مذهب مَن يرى أنّ المُنشَأ بالصّيغة إنّما هو مفهوم الطّلب أو البعث أو النّسبة الإيقاعيّة أو ما يقاربها من المفاهيم (بحیث ستَتطلَّب الصّیغة الاختیار و الإرادة) و أمّا على ما حقّقناه من أنّه ليس إلّا إظهار اعتبار كون المادّة على ذمّة المكلّف فلا موجب لاشتراط التّكلّف بالقدرة أصلاً (فلم یُلحظ الاختیار أساساً نظیر منهاج الخطابات القانونیّة فنَستَنتج التّوصّلیّة):
- غاية الأمر أنّ العقل يعتبرها في موضوع حكمه في مرحلة الإلزام بالامتثال فتكون القدرة من شرائط التّنجيز لا محالة (لا من الشّروط العامّة للفعلیّة حسبَ المشهور).
- و لا ينافي سقوطَ التّكليف فيما إذا أتى بالفعل لا عن إرادة بعد أن كان مقتضى إطلاق المادّة قيامَ الملاك بمطلق وجود الفعل المأمور به فيما إذا كانت القدرة من الشّرائط العقليّة على ما اعترف به -قدّه- في مبحث الضّد»[2]
إذن فمجرّد تَهییج الإرادة بصیغة الأمر لا یُنتِج انحصار الملاک بالحصّة المقتَدِرة بل قد توفَّر الملاک تجاه الحصّة المستحیلة، إذ سیتحقَّق الامتثال حتّی لو رَسمنا جامعاً حاویاً لغیر المقدورة، ثمّ طوَّر المحقّق المحقّق الخوئيّ اعتراضه ضمن المحاضَرات قائلاً:
«فهو مورد للمؤاخذة من جهتَين:
- الأولى: أنّ اعتبار القدرة في متعلّق التّكليف إنّما هو بحكم العقل (لدی التّنجیز و الامتثال) لا بمقتضى الخطاب كما فصّلنا الحديث من هذه النّاحية في بحث الضّد فلا نعيد.
- الثّانية: أنّ اعتبار القدرة فيه سواء أكان بحكم العقل أو بمقتضى الخطاب ليس إلّا من ناحية أنّ التّكليف بغير المقدور لغو، و من الطّبيعيّ أنّ ذلك لا يقتضي إلّا استحالةَ تعلّق التّكليف بغير المقدور خاصّة و أمّا
تعلّقه بخصوص الحصّة المقدورة فحسب فلا (لغویّة) ضرورة أنّ غاية ما يقتضي ذلك كون متعلّقه (التّکلیف) مقدوراً، و من المعلوم أنّ الجامع بين المقدور و غيره مقدور فلا مانع من تعلّقه به (فجوهر الجامع الملاکيّ یُعدّ معقولاً ثبوتیّاً) و لا فرق في ذلك بين أن يكون اعتبار القدرة بحكم العقل أو بمقتضى الخطاب .... و بكلمة أخرى أنّ المصلحة في الواقع لا تخلو من أن تقوم بخصوص الحصّة المقدورة، أو تقوم بالجامع بينها و بين غير المقدورة، فعلى الأوّل لا معنى لاعتبار الجامع، و على الثّاني لا مناص من اعتباره و لا يكون لغواً بعد إمكان تحقّق تلك الحصّة في الخارج، فالنّتيجة أنّ استحالة تعلّق الطّلب بالجامع و اعتباره إنّما تقوم على أساس أحد أمرين: الأوّل: أن لا يكون للجامع ملاك يدعو المولى إلى اعتباره، الثّاني: أن تكون الحصّة غير المقدورة مستحيلة الوقوع في الخارج.
- و أمّا في غير هذين الموردين فلا مانع من اعتباره على ذمّة المكلّف أصلاً، و لا يقاس هذه المسألة بالمسألة الأولى حيث قلنا في تلك المسألة بعدم إمكان تعلّق التّكليف بالجامع بين فعل المكلّف نفسه و بين فعل غيره و الوجه في ذلك هو أنّ اعتبار ذلك الجامع في ذمة المكلّف لا يرجع بالتّحليل العلميّ إلى معنى محصَّل بداهة أنّه لا معنى لاعتبار فعل غير المكلّف في ذمّته (المکلَّف نفسه) و هذا بخلاف مسألتنا هذه فإنّ اعتبار فعل المكلَّف على ذمّته الجامع بين المقدورة و غيرها بمكان من الإمكان بلا لزوم أيّ محذور كما عرفت هذا بحسب مقام الثّبوت و أمّا بحسب مقام الإثبات فإن كان هناك إطلاق كَشَف ذلك عن الإطلاق في مقام الثّبوت يعنى أنّ الواجب هو الجامع دون خصوص حصّة خاصّة (المقدورة فمتعلَّق التّکلیف هو الجامع) فعندئذ إن كان المولى في مقام البيان و لم يقم قرينة على التّقييد تعيَّن التّمسّك بالإطلاق لإثبات صحّة الفعل لو جيء به في ضمن حصّة غير مقدورة (أي التّوصّلیّة).»[3]
إذن قد غایَر المحقّق الخوئيّ:
- بین مبحث «المباشرة» حیث قد أجرَی الإطلاق لتَمدید فعلیّة التّکلیف بالمباشرة -أي التّعبّدیّة- إذ قد استحال لدیه تصویر الجامع الثّبوتيّ.
- و بین مبحث «الاختیار» حیث قد استَخدَم الإطلاق لتَسجیل التّوصّلیّة نظراً لإمکانیّة تصویر الجامع ثبوتیّاً لدیه.
- فبالتّالي حیث تَعقَّلنا تواجد جامع بین المقدور و غیره خارجاً فاستَنتَجنا التّوصّلیّة بمعنی الاختیار، أجل لو استحال الجامع خارجاً -کمبحث المباشرة- لتعیَّن التّکلیف بالمقدور فحسب فلا یَتکوَّن جامع أبداً لاستحالة غیر المقدور، فاستَنتَجنا التّعبّدیّة بمعنی المباشرة.
و أمّا الشّهید الصّدر فقد قرَّر معتقَد المحقّق النّائینيّ بطَور متغایر تماماً کي یُعاني من إشکالیّات المحقّق الخوئيّ، فوَجَّهه قائلاً:
«و ليس نظر المحقّق النّائينيّ -قدّه- إلى المدلول التّصوري للأوامر حتّى يُتوهَّم ابتناء هذا الوجه على مسلك دلالة الأمر وضعاً على النّسبة الإرساليّة (زعماً من المحقّق الخوئيّ) بل نظره إلى المدلول التّصديقيّ للأمر ابتداء الّذي هو الاعتبار أو الطّلب أو أيّ شيء آخر فإنّ هذا المدلول لا محالة يكون بداعي التّحريك و ليس مجرّد لقلقة اعتبار أو إنشاء، و داعي التّحريك لا يكون إلّا نحو الفعل المقدور.»[4]
فبهذه التّقریرة قد صانَ مقالة المحقّق النّائینيّ عن الإشکال السّالف للمحقّق الخوئيّ، بینما:
· تفسیره یُعدّ مضادّاً لظاهر الأجود إذ قد تحدَّث حول «حقیقة الأمر» فهي تَرتبط بساحة التّصوّر لا التّصدیق.
· و أساساً إنّ نقاش العلَمَین لم یَتعلَّق بالمدلول التّصدیقيّ أبداً و لم یَستحضِر الشّهید الصّدر وثیقةً من مقالته.
· بل حتّی لو افترضنا النّقاش تصدیقیّاً لَتیسَّر للمحقّق الخوئيّ أن یُجیبه بأنّا لا نقبل الانبعاث و التّحریک من نفس الأمر تصدیقاً إذ لا إطلاق للهیَئات و الموادّ.
--------------------------
[1] نایینی محمدحسین. فوائد الاُصول (النائیني). Vol. 1. ص143 قم - ایران: جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي.
[2] نایینی محمدحسین. n.d. أجود التقریرات. Vol. 1. ص101 قم - ایران: کتابفروشی مصطفوی.
[3] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. ص148-149 قم - ایران: انصاريان.
[4] صدر محمد باقر. بحوث في علم الأصول (الهاشمي الشاهرودي). Vol. 2. ص68 قم - ایران: مؤسسة دائرة معارف الفقه الاسلامي.
نظری ثبت نشده است .