موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)
تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٢/٢٣
شماره جلسه : ۹۳
-
عُصارة بیانات المحقّق النّائینيّ حول الشّکّ في مباشریّة الامتثال الیقینيّ
-
حوار المحقّق الخوئيّ في المیدان لتمحیص هذا الدَّوران
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۲۸
-
الجلسة ۲۹
-
الجلسة ۳۰
-
الجلسة ۳۱
-
الجلسة ۳۲
-
الجلسة ۳۳
-
الجلسة ۳۴
-
الجلسة ۳۵
-
الجلسة ۳۶
-
الجلسة ۳۷
-
الجلسة ۳۸
-
الجلسة ۳۹
-
الجلسة ۴۰
-
الجلسة ۴۱
-
الجلسة ۴۲
-
الجلسة ۴۳
-
الجلسة ۴۴
-
الجلسة ۴۵
-
الجلسة ۴۶
-
الجلسة ۴۷
-
الجلسة ۴۸
-
الجلسة ۴۹
-
الجلسة ۵۰
-
الجلسة ۵۱
-
الجلسة ۵۲
-
الجلسة ۵۳
-
الجلسة ۵۴
-
الجلسة ۵۵
-
الجلسة ۵۶
-
الجلسة ۵۷
-
الجلسة ۵۸
-
الجلسة ۵۹
-
الجلسة ۶۰
-
الجلسة ۶۱
-
الجلسة ۶۲
-
الجلسة ۶۳
-
الجلسة ۶۴
-
الجلسة ۶۵
-
الجلسة ۶۶
-
الجلسة ۶۷
-
الجلسة ۶۸
-
الجلسة ۶۹
-
الجلسة ۷۰
-
الجلسة ۷۱
-
الجلسة ۷۲
-
الجلسة ۷۳
-
الجلسة ۷۴
-
الجلسة ۷۵
-
الجلسة ۷۶
-
الجلسة ۷۷
-
الجلسة ۷۸
-
الجلسة ۷۹
-
الجلسة ۸۰
-
الجلسة ۸۱
-
الجلسة ۸۲
-
الجلسة ۸۳
-
الجلسة ۸۴
-
الجلسة ۸۵
-
الجلسة ۸۶
-
الجلسة ۸۷
-
الجلسة ۸۸
-
الجلسة ۸۹
-
الجلسة ۹۰
-
الجلسة ۹۱
-
الجلسة ۹۲
-
الجلسة ۹۳
-
الجلسة ۹۴
-
الجلسة ۹۵
-
الجلسة ۹۶
-
الجلسة ۹۷
-
الجلسة ۹۸
-
الجلسة ۹۹
-
الجلسة ۱۰۰
-
الجلسة ۱۰۱
-
الجلسة ۱۰۲
-
الجلسة ۱۰۳
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
عُصارة بیانات المحقّق النّائینيّ حول الشّکّ في مباشریّة الامتثال الیقینيّ
لقد تَمرکَز مُعتقَد المحقّق النّائینيّ علی إجراء «أصل الإطلاق» لدی التّحیّر بین التّعیین -المباشرة- و التّخییر -الاستنابة- فإنّه سیُسجِّل التّعیین بتّاً.
و نُعلِّق کي نُفکِّک في هذا الحَقل ما بین دَورانَین:
1. موضوع الاستِدارة بین المباشرة و بین استنابة الغیر: حیث قد تطلَّب الأصل اللّفظيّ الإطلاقيّ «التّعیین» فألغی امتثال الغیر فبالتّالي سیَظَلّ التّکلیف فعلیّاً مطلقاً حتّی یُباشره بیده فلا تُجدیه النّیابة.
2. و موضوع الاستدارة بین تقلید الأعلم و بین تقلید غیره: حیث قد تَطلَّب الأصل اللّفظيّ الإطلاقيّ «التّخییر» نظراً لصَراحة الرّوایة: «اجعَلوا بینکم رجلاً قد عَرَف حلالَنا و حرامَنا»[1] بلا تضییق بالأعلمیّة، فرغمَ أنّ العقل یُدرک تحدید الأعلم و لکنّا قد اعتَبرنا «ظهور إطلاق الشّرع» فلم نَستوجب تقلید الأعلم.
- و أمّا «التبّرّع» فلا یُوقِعنا في الدّوران بین التّعیین و التّخییر أبداً حیث لم نَحتمل التّخییر بین المکلّف و أيّ متبرِّع آخَر فإنّه لا جامع عرفيّ بینهما إذ الشّارع منذ البدایة لم یَصِغ دلیلَه صیاغَ التّخییر بینهما بل قد وَجَّهه إلی المکلَّف عبرَ الإطلاق، بینما قد احتَملنا التّکلیف التّخییريَّ في «الاستنابة» حیث لو استَظهر فقیه جواز الاستنابة لَتخیَّر لدیه التّکلیف بین المکلّف و النّائب و لهذا قد خُضنا ضمنَ الدّوران بین التّعیین و التّخییر.
بدایةً قد هاجَم المحقّق الخوئيّ أستاذَه ولکنّه في الحقیقة قد استَذکر نفسَ تفکیر أستاذه بصیاغة أخری ثمّ شَقَّقه علی نَسق أستاذه تماماً من دون أن یُفیض نُکتة مُستجِدّةً في هذا المِضمار قائلاً: [2]
«و قد أطال شيخنا الأستاذ -قدّه- الكلامَ في بيانهما، و لكنّا لا نحتاج إلى نقله، بل هو لا يخلو عن تطويل زائد و بلا أثر حيث نُبيِّن الآن إن شاء اللّٰه تعالى أنّ مقتضى الإطلاق لو كان هو عكسَ ما نُسب إلى المشهور (فإنّ المشهور قد استَظهر التّوصّلیّةَ بالإطلاق و لکنّا سنُبیِّن التّعبّدیّة) و أنّه لا يسقط بفعل غيره بلا فرق بين كونه (فعل الغیر) بالتّسبيب أو بالتّبرع، و السّبب في ذلك أنّ التّكليف هنا بحسب مقام الثّبوت يُتصوَّر على أحد أشكال:
Ø الأوّل: أن يكون متعلَّقه «الجامع» بين فعل المكلّف نفسه و فعل غيره (بلا استنابة) فيكون مردُّه إلى كون الواجب أحدَ فعلين على سبيل التّخيير، و فيه أنّ هذا الوجه غير معقول، و ذلك لأنّ فعل الغير خارج عن اختيار المكلَّف و إرادته (بأن یَدفِنه الوليّ أو غیرُه) فلا يعقل تعلّق التّكليف بالجامع بينه (الأجنبيّ) و بين فعل نفسه (و حیث لم یَنعقد الجامع فلا یَتکوَّن تکلیف تخییريّ).
و بكلمة أخرى أنّ الإطلاق بهذا الشَّكل (و الجامع) في مقام الثّبوت و الواقع غير معقول، لفرض أنّه (الإطلاق) يَبتنى على أساس إمكان تعلّق التّكليف بفعل الغير و هو مستحيل، فإذن بطبيعة الحال يختصّ التّكليف بفعل المكلّف نفسه فلا يعقل إطلاقه، أو فقل إنّ الإهمال في الواقع غير معقول فيدور الأمر بين الإطلاق و هو تعلّق التّكليف بالجامع و (بین) التّقييد و هو تعلّق التّكليف بحصّة خاصّة (هو المکلَّف) و حيث إنّ الأوّل (الجامع) لا يعقل تَعيَّن الثّاني (التّقیید) و لو تَنزَّلنا عن ذلك و سلَّمنا إمكانه (الجامع) بحسب مقام الثّبوت إلّا أنّ الإطلاق في مقام الإثبات لا يُعينه (الجامع) و ذلك لأنّ أمر التّكليف عندئذ يدور بين التّعيين و التّخيير (وفقاً للمحقّق النّائینيّ) و من الواضح أنّ مقتضى الإطلاق هو التّعيين، لأنّ التّخيير في المقام الرّاجع إلى جعل فعل الغير عِدلاً لفعل المكلّف نفسه يحتاج إلى عناية زائدة و قرينة خارجة فلا يمكن إرادته من الإطلاق.»
و لکن نلاحظ علیه بأنّ اتّخاذ الجامع علی عاتق الشّارع یَعتبر کیفَما شاء، فلا یَهمُّنا أن نفرِّق بین قدرة المکلّف -کالوليّ- و بین عجزه، فإنّ أساس حوارنا لا یرتبط بقدرة المکلَّف إطلاقاً إذ تحدید الجامع رهینُ اعتبار الشّارع.
ثمّ استَکمل المحقّق الخوئيّ تشقیقَاته قائلاً:
Ø الثّاني: أن يكون متعلَّقه الجامعَ بين فعل المكلَّف نفسه و بين استنابته لغيره، و نتيجةُ ذلك هي التّخيير بين قيام نفس المكلّف به و بين الاستنابة لآخَر و هو في نفسه و إن كان أمراً معقولاً (ثبوتاً) و لا بأس بالإطلاق من هذه النّاحية و شمولِه لصورة الاستنابة، إلّا أنّه خاطئ من جِهتَين أُخرَيَين:
- الأولى: أنّ لازم ذلك الإطلاق كونُ الاستنابة (محضةً و) في نفسها مسقطة للتّكليف (حتّی و لم یَتحرّک النّائب للامتثال) و هو خلاف المفروض، بداهة أنّ المسقِط له إنّما هو الإتيان الخارجيّ فلا يعقل أن تكون الاستنابة (البَحتة) مسقطةً و إلّا لكَفى مجرّد إجازة الغير في ذلك و هو كما ترى، و عليه فلا يمكن كونها (الاستنابة) عِدلاً و طرفاً للتّكليف حتّى يعقل تعلّقه بالجامع بينها و بين غيرها.
- الثّانية: لو تَنزَّلنا عن ذلك و أغمَضنا النّظرَ عن هذا إلّا أنّ الأمر هنا يدور بين التّعيين و التّخيير و قد عرفت أنّ قضيّة الإطلاق في مقام الإثبات إذا كان المتكلّم في مقام البيان و لم ينصب قرينة هي التّعيين (و المباشرة) دون التّخيير، حيث إنّ بيانه يحتاج إلى مئونة زائدة كالعطف بكلمة «أو» و الإطلاقُ غير واف له، و نتيجة ذلك عدم سقوطه عن ذمّة المكلَّف بقيام غيره به (لفعلیّة الإطلاق وفقاً للمحقّق النّائینيّ أِیضاً).»
Ø الثّالث: أن يقال: إنّ أمر التّكليف في المقام يدور بين كونه (الوجوب) مشروطاً بعدم قيام غير المكلّف به (أي اشتُرطت المباشرة) و بين كونه مطلقاً أي سواء أقام غيرُه به أم لم يقم (أي التّخییر) فهو لا يسقط عنه (لفعلیّة أصالة الإطلاق) و يمتاز هذا الوجه عن الوجهين الأوَّلَين بنقطة واحدة، و هي أنّ في الوجهين الأَوَّلَين يدور أمر «الواجب» بين كونه تعيينيّاً أو تخييريّاً و لا صلة لهما بالوجوب، و في هذا الوجه يدور أمر الوجوب بين كونه مطلقاً أو مشروطاً و لا صلة له بالواجب.
- ثمّ إنّ هذا الوجه و إن كان بحسب الواقع أمراً معقولاً و محتمَلاً و لا محذور فيه أصلاً إلّا أنّ الإطلاق في مقام الإثبات يقتضي عدم الاشتراط (بعدم فعل الغیر) و أنّه لا يسقط عن ذمّة المكلّف بقيام غيره به (أي التّعبّدیّة بالمباشرة) و من الطّبيعيّ أنّ الإطلاق في هذا المقام يكشف عن الإطلاق في ذاك المقام بقانون التّبعيّة، و من هنا ذكرنا في بحث الفقه في مسألة تَحنيط الميّت أنّ مقتضى إطلاق خطابه المتوجَّه إلى البالغين هو عدم سقوطه بفعل غيرهم و إن كانوا مميِّزين، و قد تحصَّل من ذلك أنّ مقتضى إطلاق كلّ خطاب متوجّه إلى شخص خاصّ أو صنف هو عدم سقوطه عنه بقيام غيره به، فالسّقوط يحتاج إلى دليل.»
فالمُستَنتَج من منظومة تشقیقاته أنّه قد کرَّر بیانات أستاذه النّائینيّ بالتّحدید بل قد حذَف منها مسألة «قیام المُستنیب مقام المنوب عنه أو عدم القیام» والّذي قد استَذکره المحقّق النّائینيّ بدقّه و فَطانة، فبالتّالي لم یَجدُر للمحقّق الخوئيّ أن یَنسب «التّطویل الزّائد العدیم للأثر» إلی أستاذه.
و أمّا الّذي اصطَفیناه أخیراً أنّ التّفکیک بین الاستنابة و التّبرع سدیدٌ و رصین و لکنّا لا نَستخدم «أصالة الإطلاق اللّفظیّة» -کما استظهرها المحقّقان- إذ بدایةً قد أیقنّا بثَبات الملاک و الغرض ثمّ تردَّدنا هل ستُجزي الاستنابة و التّبرّع أم لا فبالتّالي سنَستصحب بقاء الملاک و «الغرض الموقَن» فلا أرضیّة للإطلاق إذن.
ففي نسقه، إنّ الاستنابة البحتة -بلا امتثال- قد أُخرِجت عن مسرح الصّراع تماماً إذ مجرّد الاستنابة لا یُسقط التّکلیف إجماعاً، و لهذا قد تَفنَّن المحقّق النّائینيّ حینما أضاف «فعل النّائب و المتبرِّع» فإنّ أعمالهما ستُزیل موضوع التّکلیف و ملاکه بالکامل فبالتّالي سیَبور التّکلیف عن ذمّة المکلَّف، و لکنّا حیث قد شککنا هنا بالتّحدید: هل عمل الغیر سیُسقِّط الملاک أم لا؟ فقد استَنبط المحقّق النّائینيّ «فعلیّة الإطلاق للمباشرة» ثمّ استَنتَج التّعبّدیّة، بینما مقامُنا عدیم الأصل اللّفظيّ إذ التّحیّر في سقوط الملاک أو امتداده سیَتطلَّب الاستصحاب لا الإطلاق نَغوصَ في الدّوران بین التّعیین و التّخییر و ثمّ نَستعین بالإطلاق.
و أمّا المشهور الأقدمون الّذین قد استَنبطوا التّوصّلیّة ببرکة الإطلاق، فقد زَعموا أنّ کلا «المباشرة و النّیابة» یَفتقِران لمزید البیان و حیث لم یتقیَّد التّکلیف بالمباشرة فسیُمتَثل بفعل الغیر أیضاً فأنتَج التّوصّلیّة لدیهم، بینما الأصبّ الأسدّ أنّ الأصالة اللّفظیّة الإطلاقیّة منعدمة إذ قد شککنا في استمرار فعلیّة الملاک و الغرض فاستَصحَبناه.
-----------------------------
[1] و أمامَک نصّ الرّوایة: « مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى أَصْحَابِنَا فَقَالَ قُلْ لَهُمْ إِيَّاكُمْ إِذَا وَقَعَتْ بَيْنَكُمْ خُصُومَةٌ أَوْ تَدَارَى[1] فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْذِ وَ الْعَطَاءِ أَنْ تَحَاكَمُوا[1] إِلَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ الْفُسَّاقِ اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ رَجُلاً[1] قَدْ عَرَفَ حَلاَلَنَا وَ حَرَامَنَا فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ قَاضِياً وَ إِيَّاكُمْ أَنْ يُخَاصِمَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً إِلَى السُّلْطَانِ الْجَائِرِ.» (تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة. Vol. 27. ص139 قم - ایران: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث)
[2] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. ص142-144 قم - ایران: انصاريان.
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
عُصارة بیانات المحقّق النّائینيّ حول الشّکّ في مباشریّة الامتثال الیقینيّ
لقد تَمرکَز مُعتقَد المحقّق النّائینيّ علی إجراء «أصل الإطلاق» لدی التّحیّر بین التّعیین -المباشرة- و التّخییر -الاستنابة- فإنّه سیُسجِّل التّعیین بتّاً.
و نُعلِّق کي نُفکِّک في هذا الحَقل ما بین دَورانَین:
1. موضوع الاستِدارة بین المباشرة و بین استنابة الغیر: حیث قد تطلَّب الأصل اللّفظيّ الإطلاقيّ «التّعیین» فألغی امتثال الغیر فبالتّالي سیَظَلّ التّکلیف فعلیّاً مطلقاً حتّی یُباشره بیده فلا تُجدیه النّیابة.
2. و موضوع الاستدارة بین تقلید الأعلم و بین تقلید غیره: حیث قد تَطلَّب الأصل اللّفظيّ الإطلاقيّ «التّخییر» نظراً لصَراحة الرّوایة: «اجعَلوا بینکم رجلاً قد عَرَف حلالَنا و حرامَنا»[1] بلا تضییق بالأعلمیّة، فرغمَ أنّ العقل یُدرک تحدید الأعلم و لکنّا قد اعتَبرنا «ظهور إطلاق الشّرع» فلم نَستوجب تقلید الأعلم.
- و أمّا «التبّرّع» فلا یُوقِعنا في الدّوران بین التّعیین و التّخییر أبداً حیث لم نَحتمل التّخییر بین المکلّف و أيّ متبرِّع آخَر فإنّه لا جامع عرفيّ بینهما إذ الشّارع منذ البدایة لم یَصِغ دلیلَه صیاغَ التّخییر بینهما بل قد وَجَّهه إلی المکلَّف عبرَ الإطلاق، بینما قد احتَملنا التّکلیف التّخییريَّ في «الاستنابة» حیث لو استَظهر فقیه جواز الاستنابة لَتخیَّر لدیه التّکلیف بین المکلّف و النّائب و لهذا قد خُضنا ضمنَ الدّوران بین التّعیین و التّخییر.
بدایةً قد هاجَم المحقّق الخوئيّ أستاذَه ولکنّه في الحقیقة قد استَذکر نفسَ تفکیر أستاذه بصیاغة أخری ثمّ شَقَّقه علی نَسق أستاذه تماماً من دون أن یُفیض نُکتة مُستجِدّةً في هذا المِضمار قائلاً: [2]
«و قد أطال شيخنا الأستاذ -قدّه- الكلامَ في بيانهما، و لكنّا لا نحتاج إلى نقله، بل هو لا يخلو عن تطويل زائد و بلا أثر حيث نُبيِّن الآن إن شاء اللّٰه تعالى أنّ مقتضى الإطلاق لو كان هو عكسَ ما نُسب إلى المشهور (فإنّ المشهور قد استَظهر التّوصّلیّةَ بالإطلاق و لکنّا سنُبیِّن التّعبّدیّة) و أنّه لا يسقط بفعل غيره بلا فرق بين كونه (فعل الغیر) بالتّسبيب أو بالتّبرع، و السّبب في ذلك أنّ التّكليف هنا بحسب مقام الثّبوت يُتصوَّر على أحد أشكال:
Ø الأوّل: أن يكون متعلَّقه «الجامع» بين فعل المكلّف نفسه و فعل غيره (بلا استنابة) فيكون مردُّه إلى كون الواجب أحدَ فعلين على سبيل التّخيير، و فيه أنّ هذا الوجه غير معقول، و ذلك لأنّ فعل الغير خارج عن اختيار المكلَّف و إرادته (بأن یَدفِنه الوليّ أو غیرُه) فلا يعقل تعلّق التّكليف بالجامع بينه (الأجنبيّ) و بين فعل نفسه (و حیث لم یَنعقد الجامع فلا یَتکوَّن تکلیف تخییريّ).
و بكلمة أخرى أنّ الإطلاق بهذا الشَّكل (و الجامع) في مقام الثّبوت و الواقع غير معقول، لفرض أنّه (الإطلاق) يَبتنى على أساس إمكان تعلّق التّكليف بفعل الغير و هو مستحيل، فإذن بطبيعة الحال يختصّ التّكليف بفعل المكلّف نفسه فلا يعقل إطلاقه، أو فقل إنّ الإهمال في الواقع غير معقول فيدور الأمر بين الإطلاق و هو تعلّق التّكليف بالجامع و (بین) التّقييد و هو تعلّق التّكليف بحصّة خاصّة (هو المکلَّف) و حيث إنّ الأوّل (الجامع) لا يعقل تَعيَّن الثّاني (التّقیید) و لو تَنزَّلنا عن ذلك و سلَّمنا إمكانه (الجامع) بحسب مقام الثّبوت إلّا أنّ الإطلاق في مقام الإثبات لا يُعينه (الجامع) و ذلك لأنّ أمر التّكليف عندئذ يدور بين التّعيين و التّخيير (وفقاً للمحقّق النّائینيّ) و من الواضح أنّ مقتضى الإطلاق هو التّعيين، لأنّ التّخيير في المقام الرّاجع إلى جعل فعل الغير عِدلاً لفعل المكلّف نفسه يحتاج إلى عناية زائدة و قرينة خارجة فلا يمكن إرادته من الإطلاق.»
و لکن نلاحظ علیه بأنّ اتّخاذ الجامع علی عاتق الشّارع یَعتبر کیفَما شاء، فلا یَهمُّنا أن نفرِّق بین قدرة المکلّف -کالوليّ- و بین عجزه، فإنّ أساس حوارنا لا یرتبط بقدرة المکلَّف إطلاقاً إذ تحدید الجامع رهینُ اعتبار الشّارع.
ثمّ استَکمل المحقّق الخوئيّ تشقیقَاته قائلاً:
Ø الثّاني: أن يكون متعلَّقه الجامعَ بين فعل المكلَّف نفسه و بين استنابته لغيره، و نتيجةُ ذلك هي التّخيير بين قيام نفس المكلّف به و بين الاستنابة لآخَر و هو في نفسه و إن كان أمراً معقولاً (ثبوتاً) و لا بأس بالإطلاق من هذه النّاحية و شمولِه لصورة الاستنابة، إلّا أنّه خاطئ من جِهتَين أُخرَيَين:
- الأولى:
الأولى: أنّ لازم ذلك الإطلاق كونُ الاستنابة (محضةً و) في نفسها مسقطة للتّكليف (حتّی و لم یَتحرّک النّائب للامتثال) و هو خلاف المفروض، بداهة أنّ المسقِط له إنّما هو الإتيان الخارجيّ فلا يعقل أن تكون الاستنابة (البَحتة) مسقطةً و إلّا لكَفى مجرّد إجازة الغير في ذلك و هو كما ترى، و عليه فلا يمكن كونها (الاستنابة) عِدلاً و طرفاً للتّكليف حتّى يعقل تعلّقه بالجامع بينها و بين غيرها.
- الثّانية: لو تَنزَّلنا عن ذلك و أغمَضنا النّظرَ عن هذا إلّا أنّ الأمر هنا يدور بين التّعيين و التّخيير و قد عرفت أنّ قضيّة الإطلاق في مقام الإثبات إذا كان المتكلّم في مقام البيان و لم ينصب قرينة هي التّعيين (و المباشرة) دون التّخيير، حيث إنّ بيانه يحتاج إلى مئونة زائدة كالعطف بكلمة «أو» و الإطلاقُ غير واف له، و نتيجة ذلك عدم سقوطه عن ذمّة المكلَّف بقيام غيره به (لفعلیّة الإطلاق وفقاً للمحقّق النّائینيّ أِیضاً).»
Ø الثّالث: أن يقال: إنّ أمر التّكليف في المقام يدور بين كونه (الوجوب) مشروطاً بعدم قيام غير المكلّف به (أي اشتُرطت المباشرة) و بين كونه مطلقاً أي سواء أقام غيرُه به أم لم يقم (أي التّخییر) فهو لا يسقط عنه (لفعلیّة أصالة الإطلاق) و يمتاز هذا الوجه عن الوجهين الأوَّلَين بنقطة واحدة، و هي أنّ في الوجهين الأَوَّلَين يدور أمر «الواجب» بين كونه تعيينيّاً أو تخييريّاً و لا صلة لهما بالوجوب، و في هذا الوجه يدور أمر الوجوب بين كونه مطلقاً أو مشروطاً و لا صلة له بالواجب.
- ثمّ إنّ هذا الوجه و إن كان بحسب الواقع أمراً معقولاً و محتمَلاً و لا محذور فيه أصلاً إلّا أنّ الإطلاق في مقام الإثبات يقتضي عدم الاشتراط (بعدم فعل الغیر) و أنّه لا يسقط عن ذمّة المكلّف بقيام غيره به (أي التّعبّدیّة بالمباشرة) و من الطّبيعيّ أنّ الإطلاق في هذا المقام يكشف عن الإطلاق في ذاك المقام بقانون التّبعيّة، و من هنا ذكرنا في بحث الفقه في مسألة تَحنيط الميّت أنّ مقتضى إطلاق خطابه المتوجَّه إلى البالغين هو عدم سقوطه بفعل غيرهم و إن كانوا مميِّزين، و قد تحصَّل من ذلك أنّ مقتضى إطلاق كلّ خطاب متوجّه إلى شخص خاصّ أو صنف هو عدم سقوطه عنه بقيام غيره به، فالسّقوط يحتاج إلى دليل.»
فالمُستَنتَج من منظومة تشقیقاته أنّه قد کرَّر بیانات أستاذه النّائینيّ بالتّحدید بل قد حذَف منها مسألة «قیام المُستنیب مقام المنوب عنه أو عدم القیام» والّذي قد استَذکره المحقّق النّائینيّ بدقّه و فَطانة، فبالتّالي لم یَجدُر للمحقّق الخوئيّ أن یَنسب «التّطویل الزّائد العدیم للأثر» إلی أستاذه.
و أمّا الّذي اصطَفیناه أخیراً أنّ التّفکیک بین الاستنابة و التّبرع سدیدٌ و رصین و لکنّا لا نَستخدم «أصالة الإطلاق اللّفظیّة» -کما استظهرها المحقّقان- إذ بدایةً قد أیقنّا بثَبات الملاک و الغرض ثمّ تردَّدنا هل ستُجزي الاستنابة و التّبرّع أم لا فبالتّالي سنَستصحب بقاء الملاک و «الغرض الموقَن» فلا أرضیّة للإطلاق إذن.
ففي نسقه، إنّ الاستنابة البحتة -بلا امتثال- قد أُخرِجت عن مسرح الصّراع تماماً إذ مجرّد الاستنابة لا یُسقط التّکلیف إجماعاً، و لهذا قد تَفنَّن المحقّق النّائینيّ حینما أضاف «فعل النّائب و المتبرِّع» فإنّ أعمالهما ستُزیل موضوع التّکلیف و ملاکه بالکامل فبالتّالي سیَبور التّکلیف عن ذمّة المکلَّف، و لکنّا حیث قد شککنا هنا بالتّحدید: هل عمل الغیر سیُسقِّط الملاک أم لا؟ فقد استَنبط المحقّق النّائینيّ «فعلیّة الإطلاق للمباشرة» ثمّ استَنتَج التّعبّدیّة، بینما مقامُنا عدیم الأصل اللّفظيّ إذ التّحیّر في سقوط الملاک أو امتداده سیَتطلَّب الاستصحاب لا الإطلاق نَغوصَ في الدّوران بین التّعیین و التّخییر و ثمّ نَستعین بالإطلاق.
و أمّا المشهور الأقدمون الّذین قد استَنبطوا التّوصّلیّة ببرکة الإطلاق، فقد زَعموا أنّ کلا «المباشرة و النّیابة» یَفتقِران لمزید البیان و حیث لم یتقیَّد التّکلیف بالمباشرة فسیُمتَثل بفعل الغیر أیضاً فأنتَج التّوصّلیّة لدیهم، بینما الأصبّ الأسدّ أنّ الأصالة اللّفظیّة الإطلاقیّة منعدمة إذ قد شککنا في استمرار فعلیّة الملاک و الغرض فاستَصحَبناه.
-----------------------------
[1] و أمامَک نصّ الرّوایة: « مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى أَصْحَابِنَا فَقَالَ قُلْ لَهُمْ إِيَّاكُمْ إِذَا وَقَعَتْ بَيْنَكُمْ خُصُومَةٌ أَوْ تَدَارَى[1] فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْذِ وَ الْعَطَاءِ أَنْ تَحَاكَمُوا[1] إِلَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ الْفُسَّاقِ اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ رَجُلاً[1] قَدْ عَرَفَ حَلاَلَنَا وَ حَرَامَنَا فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ قَاضِياً وَ إِيَّاكُمْ أَنْ يُخَاصِمَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً إِلَى السُّلْطَانِ الْجَائِرِ.» (تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة. Vol. 27. ص139 قم - ایران: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث)
[2] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. ص142-144 قم - ایران: انصاريان.
نظری ثبت نشده است .