عربی

درس بعد

المواسعة و المضایقة

درس قبل

المواسعة و المضایقة

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة قضاء (المواسعه و المضایقه)


تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٢/٢٢


شماره جلسه : ۹۲

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • المُشایَعة مع براهین المحقّق الخوئيّ الرّائعة تجاه مَرویّات «سبعة أحرف» الغامِضة

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

المُشایَعة مع براهین المحقّق الخوئيّ الرّائعة تجاه مَرویّات «سبعة أحرف» الغامِضة

لقد حاجَج المحقّق الخوئيّ ظهورَ مَرویّات الفِرقة البکریّة بشأن «سبعة أحرف» حیث قد فسَّرها معظمُهم «بالمعاني المتقاربة» و لکنّ السّیّد قد هاجَمَ استدلالَهم بقوّة قائلاً:[1]

«إنّ جميع ما ذُكر لها من المعاني أجنبيّ عن مورد الرّوايات (حول سبعة أحرف) -و ستعرف ذلك- و على هذا فلابدّ من طرح الرّوايات (البکریّة) لأنّ الالتزام بمفادها غير ممكن (إذ جلیّة في أنّها اسرائیلیّات مُزَوَّرة حتماً).

و الدّليل على ذلك:

· أوّلاً: إنّ هذا إنّما يتمّ في بعض معاني القرآن الّتي يمكن أن يعبر عنها بألفاظ سبعة متقاربة (کآیات العذاب و الرّحمة) و من الضّروري أنّ أكثر القرآن لا يتمّ فيه ذلك (کآیات الأحکام و...) فكيف تُتصوّر هذه الحروف السّبعة الّتي نزل بها القرآن (بأکمله فلا تتَقارب معظمُ کلمات الآیات مع بعضها الآخر)؟.

· ثانياً:

Ø إن كان المراد من هذا الوجه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد جَوَّز تبديل كلمات القرآن الموجودة بكلمات أخرى تقاربَها في المعنى -و يَشهد لهذا بعض الرّوايات المتقدّمة- فهذا الاحتمال يوجب هدمَ أساس القرآن، المعجِزة الأبديّة و الحجّة على جميع البشر، و لا يشكّ عاقل في أنّ ذلك يقتضي هَجر القرآن المُنزَل، و عدم الاعتناء بشأنه، و هل يتوهَّم عاقل ترخيصَ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يقرأ القارئ: «يس، و الذّكر العظيم، إنّك لمن الأنبياء، على طريق سويّ، إنزال الحميد الكريم، لتُخوّف قوماً ما خوِّف أسلافهم‏ فهم ساهون» فلتُقَرّ عيون المجوِّزين لذلك، سبحانك اللّهم إن هذا إلّا بهتان عظيم، و قد قال اللّه تعالى: «قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى‏ إِلَيَ‏»[2] (و لکن نلاحظ علیه هنا بأنّ الفِرقة البکریّة لم یَدَّعوا أنّ النّبيّ بنفسه قد جوّز التّبدیل بل یَرون جوازه من ناحیة الله تعالی فإنّ هذه الرّوایات تُصرّح بأنّ جبرئیل إمّا هو قد أنزل 7 أحرف و إمّا قد أنزلها عقِبَ مطالبة النّبيّ فبالتّالي قد صدر التّبدیل من الله لا من تلقاء النّبيّ حتّی یُستدلّ بالآیة) و إذا لم يكن للنّبيّ أن يُبدِّل القرآن من تلقاء نفسه (و لا أن یُضیف نقطةً أو یحذف) فكيف يجوِّز ذلك لغيره؟ (حتّی بالکلمات المتعارَفة و المتشابهة) و (الّذي سیُبطِل تجویز التّبدیل أیضاً) أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم علَّم بَراءَ بن عازب دعاءً كان فيه: «و نبيّك الّذي أرسلتَ» فقَرأ براء «و رسولك الّذي أرسلتَ» فأمره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن لا يَضع الرّسول موضعَ النّبيّ‏»[3] فإذا كان هذا (المنع) في الدّعاء، فماذا يكون الشّأن في القرآن (حیث سیَحرُم تبدیله بطریق أولی)؟

Ø و إن كان المراد من الوجه المتقدِّم (أي اتّخاذ المعاني المتقارِبة) أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قَرأ (بنفسه) على (وفق) الحروف السبعة (لا أنّه قد جوَّز) -و يشهد لهذا كثير من الرّوايات المتقدّمة- فلابدّ للقائل بهذا أن يدلّ (علی یَنابیعها و یُعلِمنا) على هذه الحروف السّبعة الّتي قرأ بها النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأن اللّه سبحانه قد وعد بحفظ ما أنزله: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ‏» (بینما لم نعثُر حتّی علی نَموذَج أنّ النّبيّ قد غیَّر کلمةً قرآنیّة إلی معنی متقارِب و مُتَداني).[4]

· ثالثاً: أنّه صرَّحت الرّوايات المتقدّمة بأنّ الحكمة في نزول القرآن على سبعة أحرف هي التّوسعة على الأمّة (درءاً للاختلافات و لتکفیر بعضهم البعض لا لأجل تقریب المعاني و توحیدها) لأنّهم لا يستطيعون القراءة على حرف واحد (بقرائة واحدة) و أنّ هذا هو الّذي دعا النّبيَّ إلى الاستزادة إلى سبعة أحرف، و قد رأينا أنّ اختلاف القراءات أوجَبَ أن يُكفِّر بعضُ المسلمين بعضاً حتّى حَصر عثمان القراءة بحرف واحد، و أمر بإحراق بقيّة المصاحف (فلو فسَّرنا «سبعة أحرف» بمعنی تقریب المعاني المُتَماثِلة لَهیَّج الاختلافات بحدّ القتال و التّکفیر، إذن إنّه تفسیر فاشل).

و يُستنتج من ذلك (أي تقارب المعاني) أمور:

1. أنّ الاختلاف (نتیجةَ مطالبة النّبيّ و استزادَته) في القراءة كان نقمةً على الأمّة و قد ظهر ذلك (الاختلاف و النِّقمة) في عصر عثمان، فكيف يصحّ أن يَطلب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من اللّه ما فيه فساد الأمة، و كيف يصحّ على اللّه أن يُجيبه إلى ذلك؟ و (الحال) قد ورد في كثير من الرّوايات النّهي عن الاختلاف و أنّ فيه هلاك الأمّة و في بعضها أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تغيَّر وجهه و احمَرَّ حينَ ذكر له الاختلاف في القراءة، و قد تقدّم جملة منها، و سيجي‏ء بعد هذا جملةٌ أخرى.

2. قد تضمَّنت الرّوايات المتقدّمة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «إنّ أمّتي لا تستطيع ذلك القراءة على حرف واحد» و هذا كذب صريح، لا يعقل نسبته إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأنّا نجد الأمّة بعد عثمانَ على اختلاف عناصرها و لغاتها قد استطاعت أن تَقرأ القرآن على حرف واحد، فكيف يكون من العسر عليها أن تَجتمع على حرف واحد في زمان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (فیَستزید) و قد كانت الأمّة من العرب الفصحى.

3. إنّ الاختلاف الّذي أوجَب لعثمانَ أن يحصُر القراءة في حرف واحد قد اتَّفق (نفسه) في عصر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قد أقرَّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كلَّ قارئ على قراءته، و أمَر المسلمين بالتّسليم لجميعها، و أعلَمهم بأنّ ذلك رحمةٌ من اللّه لهم (درءاً للاختلافات و التّکفیر) فكيف صحّ لعثمان و لتابعيه سدَّ باب الرّحمة، مع نهي النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن المنع عن قراءة القرآن (بحیث لم یَنهاهُم عن القرائات) و كيف جاز للمسلمين رفضُ قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أخذُ قول عثمانَ و إمضاءُ عمله؟ أفهل وَجدوه أرأفَ بالأمّة من نبيّها أو أنّه تَنبَّه لشى‏ء قد جهِلَه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من قبلُ و حاشاه، أو أنّ الوحي قد نزل على عثمان بنسخ تلك الحروف (و القرائات)؟.

4. و خلاصة الكلام: أنّ بَشاعة هذا القول تُغني عن التّكلّف عن ردّه، و هذه (الإشکالیّات) هي العُمدة في رفض المتأخّرين من علماء أهل السّنّة لهذا القول (أي تقارب المعاني) و لأجل ذلك قد التَجأ بعضهم كأبي جعفر محمّد بن سَعدان النّحويّ، و الحافظ جلال الدّين السّيوطيّ (911ق) إلى القول بأنّ هذه الرّوايات من المشكِل و المتشابِه، و ليس يُدرى ما هو مفادها[5] مع‏ أنّك قد عرفت أنّ مفادها أمر ظاهر و لا يَشكّ فيه النّاظر إليها كما ذهب إليه و اختاره أكثر العلماء (البکریّة، غیرَ أنّها مُزوَّرات و مکذوبات علی الرّسول الأکرم).»

---------------------------
[1] البيان فى تفسير القرآن، ص: 181-182
[2] سورة یونس الآیة 15، ثمّ علَّق الأستاذ المبجَّل هنا قائلاً: «و أمّا «حقّ التّشریع» فمحفوظ لدی المعصوم لأنه لا یعدّ تبدیلاً للکلمات الإلهیّة و لا تصرّفاً في القرآن المُحکَم من الله تعالی إذ هذه الآیة الکریمة تَنصّ علی التّبدیل من قِبل نفسه فلا تَجرَح مکانة تشریع الأحکام حیث وفقاً لمتواتر الرّوایات یَستیسِر للمعصوم أن یتصرّف بالأحکام و المصالح الدّینیّة توسیعاً للشّرع أو تضییقاً».
[3] التبيان: ص 58.
[4] سورة الحِجر الآیة 9.
[5] التبيان: ص 61.


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

المُشایَعة مع براهین المحقّق الخوئيّ الرّائعة تجاه مَرویّات «سبعة أحرف» الغامِضة

لقد حاجَج المحقّق الخوئيّ ظهورَ مَرویّات الفِرقة البکریّة بشأن «سبعة أحرف» حیث قد فسَّرها معظمُهم «بالمعاني المتقاربة» و لکنّ السّیّد قد هاجَمَ استدلالَهم بقوّة قائلاً:[1]

«إنّ جميع ما ذُكر لها من المعاني أجنبيّ عن مورد الرّوايات (حول سبعة أحرف) -و ستعرف ذلك- و على هذا فلابدّ من طرح الرّوايات (البکریّة) لأنّ الالتزام بمفادها غير ممكن (إذ جلیّة في أنّها اسرائیلیّات مُزَوَّرة حتماً).

و الدّليل على ذلك:

· أوّلاً: إنّ هذا إنّما يتمّ في بعض معاني القرآن الّتي يمكن أن يعبر عنها بألفاظ سبعة متقاربة (کآیات العذاب و الرّحمة) و من الضّروري أنّ أكثر القرآن لا يتمّ فيه ذلك (کآیات الأحکام و...) فكيف تُتصوّر هذه الحروف السّبعة الّتي نزل بها القرآن (بأکمله فلا تتَقارب معظمُ کلمات الآیات مع بعضها الآخر)؟.

· ثانياً:

Ø إن كان المراد من هذا الوجه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد جَوَّز تبديل كلمات القرآن الموجودة بكلمات أخرى تقاربَها في المعنى -و يَشهد لهذا بعض الرّوايات المتقدّمة- فهذا الاحتمال يوجب هدمَ أساس القرآن، المعجِزة الأبديّة و الحجّة على جميع البشر، و لا يشكّ عاقل في أنّ ذلك يقتضي هَجر القرآن المُنزَل، و عدم الاعتناء بشأنه، و هل يتوهَّم عاقل ترخيصَ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يقرأ القارئ: «يس، و الذّكر العظيم، إنّك لمن الأنبياء، على طريق سويّ، إنزال الحميد الكريم، لتُخوّف قوماً ما خوِّف أسلافهم‏ فهم ساهون» فلتُقَرّ عيون المجوِّزين لذلك، سبحانك اللّهم إن هذا إلّا بهتان عظيم، و قد قال اللّه تعالى: «قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى‏ إِلَيَ‏»[2] (و لکن نلاحظ علیه هنا بأنّ الفِرقة البکریّة لم یَدَّعوا أنّ النّبيّ بنفسه قد جوّز التّبدیل بل یَرون جوازه من ناحیة الله تعالی فإنّ هذه الرّوایات تُصرّح بأنّ جبرئیل إمّا هو قد أنزل 7 أحرف و إمّا قد أنزلها عقِبَ مطالبة النّبيّ فبالتّالي قد صدر التّبدیل من الله لا من تلقاء النّبيّ حتّی یُستدلّ بالآیة) و إذا لم يكن للنّبيّ أن يُبدِّل القرآن من تلقاء نفسه (و لا أن یُضیف نقطةً أو یحذف) فكيف يجوِّز ذلك لغيره؟ (حتّی بالکلمات المتعارَفة و المتشابهة) و (الّذي سیُبطِل تجویز التّبدیل أیضاً) أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم علَّم بَراءَ بن عازب دعاءً كان فيه: «و نبيّك الّذي أرسلتَ» فقَرأ براء «و رسولك الّذي أرسلتَ» فأمره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن لا يَضع الرّسول موضعَ النّبيّ‏»[3] فإذا كان هذا (المنع) في الدّعاء، فماذا يكون الشّأن في القرآن (حیث سیَحرُم تبدیله بطریق أولی)؟

Ø و إن كان المراد من الوجه المتقدِّم (أي اتّخاذ المعاني المتقارِبة) أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قَرأ (بنفسه) على (وفق) الحروف السبعة (لا أنّه قد جوَّز) -و يشهد لهذا كثير من الرّوايات المتقدّمة- فلابدّ للقائل بهذا أن يدلّ (علی یَنابیعها و یُعلِمنا) على هذه الحروف السّبعة الّتي قرأ بها النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأن اللّه سبحانه قد وعد بحفظ ما أنزله: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ‏» (بینما لم نعثُر حتّی علی نَموذَج أنّ النّبيّ قد غیَّر کلمةً قرآنیّة إلی معنی متقارِب و مُتَداني).[4]

· ثالثاً: أنّه صرَّحت الرّوايات المتقدّمة بأنّ الحكمة في نزول القرآن على سبعة أحرف هي التّوسعة على الأمّة (درءاً للاختلافات و لتکفیر بعضهم البعض لا لأجل تقریب المعاني و

توحیدها) لأنّهم لا يستطيعون القراءة على حرف واحد (بقرائة واحدة) و أنّ هذا هو الّذي دعا النّبيَّ إلى الاستزادة إلى سبعة أحرف، و قد رأينا أنّ اختلاف القراءات أوجَبَ أن يُكفِّر بعضُ المسلمين بعضاً حتّى حَصر عثمان القراءة بحرف واحد، و أمر بإحراق بقيّة المصاحف (فلو فسَّرنا «سبعة أحرف» بمعنی تقریب المعاني المُتَماثِلة لَهیَّج الاختلافات بحدّ القتال و التّکفیر، إذن إنّه تفسیر فاشل).

و يُستنتج من ذلك (أي تقارب المعاني) أمور:

1. أنّ الاختلاف (نتیجةَ مطالبة النّبيّ و استزادَته) في القراءة كان نقمةً على الأمّة و قد ظهر ذلك (الاختلاف و النِّقمة) في عصر عثمان، فكيف يصحّ أن يَطلب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من اللّه ما فيه فساد الأمة، و كيف يصحّ على اللّه أن يُجيبه إلى ذلك؟ و (الحال) قد ورد في كثير من الرّوايات النّهي عن الاختلاف و أنّ فيه هلاك الأمّة و في بعضها أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تغيَّر وجهه و احمَرَّ حينَ ذكر له الاختلاف في القراءة، و قد تقدّم جملة منها، و سيجي‏ء بعد هذا جملةٌ أخرى.

2. قد تضمَّنت الرّوايات المتقدّمة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «إنّ أمّتي لا تستطيع ذلك القراءة على حرف واحد» و هذا كذب صريح، لا يعقل نسبته إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأنّا نجد الأمّة بعد عثمانَ على اختلاف عناصرها و لغاتها قد استطاعت أن تَقرأ القرآن على حرف واحد، فكيف يكون من العسر عليها أن تَجتمع على حرف واحد في زمان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (فیَستزید) و قد كانت الأمّة من العرب الفصحى.

3. إنّ الاختلاف الّذي أوجَب لعثمانَ أن يحصُر القراءة في حرف واحد قد اتَّفق (نفسه) في عصر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قد أقرَّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كلَّ قارئ على قراءته، و أمَر المسلمين بالتّسليم لجميعها، و أعلَمهم بأنّ ذلك رحمةٌ من اللّه لهم (درءاً للاختلافات و التّکفیر) فكيف صحّ لعثمان و لتابعيه سدَّ باب الرّحمة، مع نهي النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن المنع عن قراءة القرآن (بحیث لم یَنهاهُم عن القرائات) و كيف جاز للمسلمين رفضُ قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أخذُ قول عثمانَ و إمضاءُ عمله؟ أفهل وَجدوه أرأفَ بالأمّة من نبيّها أو أنّه تَنبَّه لشى‏ء قد جهِلَه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من قبلُ و حاشاه، أو أنّ الوحي قد نزل على عثمان بنسخ تلك الحروف (و القرائات)؟.

4. و خلاصة الكلام: أنّ بَشاعة هذا القول تُغني عن التّكلّف عن ردّه، و هذه (الإشکالیّات) هي العُمدة في رفض المتأخّرين من علماء أهل السّنّة لهذا القول (أي تقارب المعاني) و لأجل ذلك قد التَجأ بعضهم كأبي جعفر محمّد بن سَعدان النّحويّ، و الحافظ جلال الدّين السّيوطيّ (911ق) إلى القول بأنّ هذه الرّوايات من المشكِل و المتشابِه، و ليس يُدرى ما هو مفادها[5] مع‏ أنّك قد عرفت أنّ مفادها أمر ظاهر و لا يَشكّ فيه النّاظر إليها كما ذهب إليه و اختاره أكثر العلماء (البکریّة، غیرَ أنّها مُزوَّرات و مکذوبات علی الرّسول الأکرم).»

---------------------------
[1] البيان فى تفسير القرآن، ص: 181-182
[2] سورة یونس الآیة 15، ثمّ علَّق الأستاذ المبجَّل هنا قائلاً: «و أمّا «حقّ التّشریع» فمحفوظ لدی المعصوم لأنه لا یعدّ تبدیلاً للکلمات الإلهیّة و لا تصرّفاً في القرآن المُحکَم من الله تعالی إذ هذه الآیة الکریمة تَنصّ علی التّبدیل من قِبل نفسه فلا تَجرَح مکانة تشریع الأحکام حیث وفقاً لمتواتر الرّوایات یَستیسِر للمعصوم أن یتصرّف بالأحکام و المصالح الدّینیّة توسیعاً للشّرع أو تضییقاً».
[3] التبيان: ص 58.
[4] سورة الحِجر الآیة 9.
[5] التبيان: ص 61.


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .